الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية ندوة منتدى الجاحظ: الاسلام السياسي بين المعارضة الاحتجاجيّة وتحمّل مسؤوليّة الحكم

نشر في  04 أكتوبر 2016  (14:20)

نظمت جمعيّة منتدى الجاحظ يوم السبت 24 سبتمبر 2016 في نزل أفريكا، ندوة بعنوان "الاسلام السياسي بين المعارضة الاحتجاجيّة وتحمّل مسؤوليّة الحكم" امتدّت من الساعة التاسعة صباحا إلى الخامسة مساءً. كانت الندوة فرصة لتناول وضعيّة الاسلام السياسي في العالم، وخاصّة العربي، وأسباب إخفاقه في الانتقال من صفّ المعارضة إلى سدّة الحكم.

الاسلام السياسي: ناجح في الاحتجاج، فاشل في الحكم.

انطلقت الندوة بمداخلة للدكتور عبد الحسين شعبان من العراق بعنوان "الاسلام والحداثة: تجديد الفكر-التناظر والتباين"، الذّي عبّر أنّ حركات الاسلام السياسي بلغت سدّة الحكم بسهولة بعد الثورات العربيّة وفشلت في إدارة الحكم، تونس على سبيل المثال، رغم أنّه يحكم في دول أخرى مثل أفغانستان، باكستان، غزّة، بعض دول الخليج وحضوره الفاعل في الأردن. وأنّ هذه الحركات عالقة بين أمرين: تجديد الخطاب الديني أو تجديد الفكر الديني. إذ بيّن أنّ عمليّة النقل من الشفاهة والتدوين أدّت إلى تغيير النص الديني، وأشار إلى وجوب تغيير فهمنا لتلك النصوص لا تغييرها. وأنّ أيّ باحث يواجه تحديّين أساسيّين: انفتاح النصّ القرآني على الزمان والمكان، وإيجاد الوسائل لتجديده في نطاق الاجتهاد. كما لاحظ أنّ فشل اليسار العربي والتيّارات القوميّة دفع بتيّارات الاسلام السياسي إلى الواجهة.   

في مداخلة ثانية للسيّدة مريم جاء باللّه من تونس بعنوان" الاسلامي السياسي وإشكالية المصطلح" قدّمت تعريفا لمصطلح الاسلام السيّاسي وصيرورته التاريخيّة، وأكّدت على أنّه لا يتّصف بالدقة المطلوبة في ظلّ ضبابيّة تأويل الوثائق التاريخيّة.  

حماس من البداية إلى البداية

انطلقت الحصّة المسائيّة، بمحاضرة قدّمها الدكتور إياد البرغوثي من فلسطين بعنوان"حماس: من البداية إلى البداية" تحدّث عن تجربة حماس في فلسطين، التّي كانت بدايتها في الثمانينات بتسمية الكتلة الاسلاميّة في الجامعة الفلسطينيّة، هذا إضافة إلى الاخوان حزب التحرير الاسلامي وحركة الجهاد الاسلامي.

وكانت تنافس منظّمة التحرير حول كلّ المفاهيم تقريبا: مفهوم الوطن، الشهيد، حمل السلاح... وشدّد على أنّ الحركة الاسلاميّة ما بين 1948 و1987 لم يكن لها أيّ دور بل كانت تشتم المقاومة. تشكّلت حماس سنة 1987، بعد تخلّي منظمة التحرير عن العنف والاحتكام إلى مفاوضات أوسلو التّي شقّت الفلسطينيّن عموديّا. بعد تأسيس الدولة الفلسطينيّة، تمّت مقايضة الأرض بالسلطة. في 2006 نجحت حماس في الوصول إلى السلطة، لكنّها لم تعط الفرصة الكاملة للحكم في ظلّ العراقيل الداخليّة والخارجيّة، خاصّة اسرائيل. ما أدّى إلى توتّر بين الفلسطينيّين، حسمته حماس عسكريّا في قطاع غزّة. ورجعت حماس لتقول أنّها موالية للاخوان بعد تنصّلها من هذا الولاء بدايات تأسيسها، وزاد منسوبها الايديولوجي الديني مع تحالفها مع قطر وتركيا. ويدلّ على ذلك قبولها بدولة فلسطينيّة على حدود 67 وللهدنة مع اسرائيل. وهذا يعتبره الدكتور إياد عودا على بدء، إذ انطلقت حماس بخطاب دينيّ للمقاومة في تأسيسها إلى خطاب دينيّ للقمع بعد وصولها إلى السلطة.  

الاسلام السياسي في الجزائر والمغرب: بين الدم وخطاب المظلوميّة

قدّم الدكتور عروس الزبير من الجزائر مداخلة عن حركات الاسلام السياسي، وبيّن أنّها وجدت منذ أوائل القرن العشرين كحركات نضال رغم تنوّعاتها الفكريّة. وكان السبق أنّ حركة الاخوان انطلقت أوّل الأمر كحزب سياسيّ. دخلت بعد الاستقلال سنة 1962 إلى معارضة توجهات النظام الجديدة.  بعد دستور 1989نشب اختلاف بين القيادات ما أدّى إلى انقسام هذه الحركات إلى حوالي 72 حزبا. وتحوّل الصراع من صراع الجدل إلى صراع الأحذية ثمّ بعد فوز الجبهة الاسلاميّة للانقاذ في الانتخابات صار دمويّا مقترنا بخطاب المشانق والمحاسبة. وبقيت هذه الحركات منذ استقرار الوضع في الجزائر إلى الآن متشرذمة.

بالنسبة إلى الوضع في المغرب، بيّن الدكتور جمال دحمان أنّ حركات الاسلام السياسي لا زالت تتبنّى خطاب المظلوميّة وتوظفه في الترويج لأفكارها. رغم اغتيال للزعيم اليساري عمّار بن جلّون من طرف الشبيبة الاسلاميّة، التفجيرات الارهابيّة لسنة 2003. إذ هنالك نوعان من هذه الحركات: واحد يقبل ثقافة المؤسسات وآخر لا ويلجأ إلى العنف. لكن يشي الواقع أنّه ليس هنالك فصل بين الدعوي والسياسي خاصّة لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأيضا يتماهى مع أفكار اليسار لأجل التعبئة.  

واقع الاسلام السياسي في تونس

في معرض حديثه عن حركة النهضة في تونس، أثار السيّد صلاح الدين الجورشي العلاقة بين الدعوي والسياسي، وأقرّ أنّها انتقلت بغتة من حركة محتجة إلى حزب حاكم ودون مقدّمات ولا تمهيد. لم تطبّق برنامجها الذّي جاء في 365 نقطة وألبت الجميع ضدّها من فنّانين واعلاميّين ورجال أعمال ونقابات... رغم أنها دخلت برصيد استثنائيّ، لكن حصل تغيّر في المزاج العام. لكن الانقلاب في مصر على السيسي أجبر الغنوشي على تغيير تكتيكاته، لكن بقي المشكل : ما هو الثابت والمتحوّل في فكر الحركة؟ إذ تكمن المشكلة بين النصوص وتأويلها في داخل الحزب. واستعمال كلمة "تمييز" عوض "فصل" بين الدعوي والسياسي ولم تحسم بعد في علاقتها مع الاخوان.

شوقي برنوصي